Artwork

المحتوى المقدم من France Médias Monde and مونت كارلو الدولية / MCD. يتم تحميل جميع محتويات البودكاست بما في ذلك الحلقات والرسومات وأوصاف البودكاست وتقديمها مباشرة بواسطة France Médias Monde and مونت كارلو الدولية / MCD أو شريك منصة البودكاست الخاص بهم. إذا كنت تعتقد أن شخصًا ما يستخدم عملك المحمي بحقوق الطبع والنشر دون إذنك، فيمكنك اتباع العملية الموضحة هنا https://ar.player.fm/legal.
Player FM - تطبيق بودكاست
انتقل إلى وضع عدم الاتصال باستخدام تطبيق Player FM !

جمانة حداد: حضن بلا شروط

3:28
 
مشاركة
 

Manage episode 519218756 series 2987416
المحتوى المقدم من France Médias Monde and مونت كارلو الدولية / MCD. يتم تحميل جميع محتويات البودكاست بما في ذلك الحلقات والرسومات وأوصاف البودكاست وتقديمها مباشرة بواسطة France Médias Monde and مونت كارلو الدولية / MCD أو شريك منصة البودكاست الخاص بهم. إذا كنت تعتقد أن شخصًا ما يستخدم عملك المحمي بحقوق الطبع والنشر دون إذنك، فيمكنك اتباع العملية الموضحة هنا https://ar.player.fm/legal.

غالباً ما يحتكر الحب الأضواء في الحكايات والأغاني والأفلام والنقاشات، كأن لا شيء يوازيه في الأهمية أو الندرة أو السعادة. لكن الحق يقال إن إيجاد صداقة حقيقية- وأقول ذلك عن خبرة طويلة وتجارب متراكمة إيجابية وسلبية على السواء- أصعب بكثير من إيجاد حب حقيقي.

صحيح، الحب يجتاح حياتنا بصخب الشغف، يهزّناكالإعصار، يتملّكنا بشراسة، يطلق علينا الوعود ويغرقنا في دوامة سكرى لا مثيل لها. أمّا الصداقة فلا تعد، ولا تتملّك، ولا تهزّ ولا تهتز، بل تتجذّر.

في الحب نخاف الفقدان، أما في الصداقة فنطمئن إلى البقاء. الحب يريد أن يُرى، أن يستعرض نفسه، أن يتأكد من استمراريته، فلا ينفك يخاف ويطالب بالدلائل. أما الصداقة فتكتفي بأن تكون، كمثل فيء تحت شجرة، كمثل حضن متوافر بلا شروط. الحب، مهما كان حقيقياً، قد يرحل، لأن الشغف يبهت، أما الصداقة الحقيقية فتبقى.

لقد أنعمت عليّ الدنيا بصداقات تشبه المنازل المتينة: رافقتني حين كنتُ أتعثر، عانقتني حين تركني الجميع، عزّتني حين خسرت، أغنتني حين شعرتُ أني قليلة، فرحت بي حين لم أجرؤ أن أفرح بنفسي، وبكت معي وعنّي حين خانتني الدموع.

مع ذلك، لم أكن يومًا من نوع الصديقات اللواتي يحتجن إلى تواصل يومي، أو إلى تبادل التفاصيل الصغيرة. أنا من اللواتي يؤمنّ بأن الصداقة لا تستقضي المواظبة، بل تكتفي بالثقة. قد تمر أيام أو أسابيع من دون أن أبعث رسالة لإحدى صديقاتي، لكننا نعرف أنا وهي، من دون قسم ولا وعود، أننا موجودتان من أجل بعضنا البعض. لا نحتاج إلى "اثبات" أو إلى "متابعة"، لأن ما بيننا لا يقاس بالبراهين، بل بالإيمان.

ربما لهذا تُعتبر الصداقة الحقيقية نادرة: لأنها علاقة غير صاخبة، غير درامية، بلا مطالب، بلا ارتباكات، بلا توقعات. الصديقة الحقيقية لا تطالب بتفسير لغياب ما، بل تفسّره بنفسها: “هي مشغولة، أو متعبة، أو بحاجة الى مساحتها، لكنها تحبني". تعرف، الصديقة الحقيقية، أن المسافة لا تنال من العلاقة، بل قد تمنحها عمقًا إضافيًا.

لهذا أقول بكل يقين: أنا سعيدة ومحظوظة لأن الحياة منحتني صداقات حقيقية لا تفرض حضورها، بل تفرض قوتها وثباتها. صداقات لا تحتاج أن أكتب لها كل صباح، لكنها تسكن قلبي منذ سنوات، وتنبض فيه كما لو كانت ها هنا، على بعد أمتار، تنتظرني في الغرفة المجاورة.

  continue reading

197 حلقات

Artwork
iconمشاركة
 
Manage episode 519218756 series 2987416
المحتوى المقدم من France Médias Monde and مونت كارلو الدولية / MCD. يتم تحميل جميع محتويات البودكاست بما في ذلك الحلقات والرسومات وأوصاف البودكاست وتقديمها مباشرة بواسطة France Médias Monde and مونت كارلو الدولية / MCD أو شريك منصة البودكاست الخاص بهم. إذا كنت تعتقد أن شخصًا ما يستخدم عملك المحمي بحقوق الطبع والنشر دون إذنك، فيمكنك اتباع العملية الموضحة هنا https://ar.player.fm/legal.

غالباً ما يحتكر الحب الأضواء في الحكايات والأغاني والأفلام والنقاشات، كأن لا شيء يوازيه في الأهمية أو الندرة أو السعادة. لكن الحق يقال إن إيجاد صداقة حقيقية- وأقول ذلك عن خبرة طويلة وتجارب متراكمة إيجابية وسلبية على السواء- أصعب بكثير من إيجاد حب حقيقي.

صحيح، الحب يجتاح حياتنا بصخب الشغف، يهزّناكالإعصار، يتملّكنا بشراسة، يطلق علينا الوعود ويغرقنا في دوامة سكرى لا مثيل لها. أمّا الصداقة فلا تعد، ولا تتملّك، ولا تهزّ ولا تهتز، بل تتجذّر.

في الحب نخاف الفقدان، أما في الصداقة فنطمئن إلى البقاء. الحب يريد أن يُرى، أن يستعرض نفسه، أن يتأكد من استمراريته، فلا ينفك يخاف ويطالب بالدلائل. أما الصداقة فتكتفي بأن تكون، كمثل فيء تحت شجرة، كمثل حضن متوافر بلا شروط. الحب، مهما كان حقيقياً، قد يرحل، لأن الشغف يبهت، أما الصداقة الحقيقية فتبقى.

لقد أنعمت عليّ الدنيا بصداقات تشبه المنازل المتينة: رافقتني حين كنتُ أتعثر، عانقتني حين تركني الجميع، عزّتني حين خسرت، أغنتني حين شعرتُ أني قليلة، فرحت بي حين لم أجرؤ أن أفرح بنفسي، وبكت معي وعنّي حين خانتني الدموع.

مع ذلك، لم أكن يومًا من نوع الصديقات اللواتي يحتجن إلى تواصل يومي، أو إلى تبادل التفاصيل الصغيرة. أنا من اللواتي يؤمنّ بأن الصداقة لا تستقضي المواظبة، بل تكتفي بالثقة. قد تمر أيام أو أسابيع من دون أن أبعث رسالة لإحدى صديقاتي، لكننا نعرف أنا وهي، من دون قسم ولا وعود، أننا موجودتان من أجل بعضنا البعض. لا نحتاج إلى "اثبات" أو إلى "متابعة"، لأن ما بيننا لا يقاس بالبراهين، بل بالإيمان.

ربما لهذا تُعتبر الصداقة الحقيقية نادرة: لأنها علاقة غير صاخبة، غير درامية، بلا مطالب، بلا ارتباكات، بلا توقعات. الصديقة الحقيقية لا تطالب بتفسير لغياب ما، بل تفسّره بنفسها: “هي مشغولة، أو متعبة، أو بحاجة الى مساحتها، لكنها تحبني". تعرف، الصديقة الحقيقية، أن المسافة لا تنال من العلاقة، بل قد تمنحها عمقًا إضافيًا.

لهذا أقول بكل يقين: أنا سعيدة ومحظوظة لأن الحياة منحتني صداقات حقيقية لا تفرض حضورها، بل تفرض قوتها وثباتها. صداقات لا تحتاج أن أكتب لها كل صباح، لكنها تسكن قلبي منذ سنوات، وتنبض فيه كما لو كانت ها هنا، على بعد أمتار، تنتظرني في الغرفة المجاورة.

  continue reading

197 حلقات

كل الحلقات

×
 
Loading …

مرحبًا بك في مشغل أف ام!

يقوم برنامج مشغل أف أم بمسح الويب للحصول على بودكاست عالية الجودة لتستمتع بها الآن. إنه أفضل تطبيق بودكاست ويعمل على أجهزة اندرويد والأيفون والويب. قم بالتسجيل لمزامنة الاشتراكات عبر الأجهزة.

 

دليل مرجعي سريع

حقوق الطبع والنشر 2025 | سياسة الخصوصية | شروط الخدمة | | حقوق النشر
استمع إلى هذا العرض أثناء الاستكشاف
تشغيل