انتقل إلى وضع عدم الاتصال باستخدام تطبيق Player FM !
غادة عبد العال: شهيدة المكرونة
Manage episode 515518720 series 2042297
كان يا مكان ، يا سادة يا كرام، كان فيه بنت صغيرة عمرها ما كملش ١٣ سنة، وبسبب الفقر والجهل والتسيب وعدم وجود رقابة أو قوانين تحميها، تم تزويجها بعقد عرفي بإشراف من أهلها وهي لسه في عمر الطفولة إلى شخص أكبر منها ب ١٠ سنين.
الشخص ده واللي يعتبر مرتكب جريمة لزواجه من طفلة تحت السن القانوني للجواز ما توقفش إجرامه عند النقطة دي، بل اعتبر البنت كيس الملاكمة بتاعه، ضرب وتعنيف وتكسير عظام وكوي بالنار وحرمان من الأكل إلا بإذنه حتى وشغله بيستدعي إنه يفضل بره البيت طول اليوم.
وفي يوم من الأيام البنت ما استحملتش وجاعت فأكلت طبق مكرونة، ولما هو رجع من بره غضب واتعصب ونزل فيها ضرب ، وبعدين اتحمس شوية فقام راميها من فوق سطح البيت فوقعت ميتة، فأصبحت في الصحافة تحمل لقب ”شهيدة المكرونة“.
أحيل الأستاذ إلى المحاكمة اللي أقرت درجتها الأولى عليه بتحويل أوراقه للمفتي ثم أصدرت عليه حكم الإعدام. لكن يا فرحة ما تمت. تم استئناف الحكم قام قاضي الاستئناف خفف الحكم من الإعدام ل٧ سنوات.
أيوة .. انتوا سمعتوا صح. ٧ سنوات فقط لقتل طفلة تم اغتصابها بإسم الجواز، ثم قتلها فداءا لطبق مكرونة.
ففي بلادنا العجيبة، ممكن الراجل يقتل مراته أو بنته ثم يقف قدام القاضي ويقول ما قصدتش. والقاضي في معظم الحالات بيصدقه، وببركة مواد في القانون بتدي القاضي الحق في تخفيف الحكم زي المادة ١٧ في قانون العقوبات المصري، ومادة زي المادة ٦٠ اللي بتعفي الرجل من عقوبة القتل إذا ادعى إن فعله له سبب شرعي زي انه كان بيأدب الضحية ويا حرام ماتت في إيده بيحصل معظم الجناة على الجائزة الكبرى بتحويل التهمة من قتل إلى ضرب أفضى إلى موت، ودي أقصى عقوبة ليها ٧ سنوات سجن.
فتبقى عندنا جريمة متكاملة الأركان، جثة ودماء، وسوابق عنف وتعذيب، وتعدي على قاصر، لكن المادة ١٧ و المادة ٦٠ في مصر (وأكيد فيه أمثالهم في دول عربية تانية) يقولوا للجاني إحنا في ضهرك يا وحش، ولا يهمك ، فداك ست واتنين وتلاتة. احنا مش هنضيع راجل طول بعرض عشان حياللا بنت صغيرة، والا كبيرة مش مهم. المهم انها ست في كل الأحوال.
وفي كل مرة ، بترتفع أصوات الستات بالاعتراض، على امتهانهم وعلى هوانهم، وعلى دمهم اللي أرخص كتير من الماية، بترتفع قصادهم أصوات: إحنا لا نعلق على حكم القضاء. وأنا الحقيقة مش فاهمة ليه ما نعلقش على حكم القضاء؟ وليه ما نطلبش بتغيير مواد بيستخدمها كل يوم مجرمين للإفلات من العقاب، طالما قتلوا ستات ذوي قرابة منهم؟ ولحد إمتى هنفضل متكممين بجمل زي: ”لا تعليق على حكم القضاء“ و” لحوم العلماء مسمومة“ وألف جملة كليشيهية لا يلتفت أصحابها لأرواح كل يوم بتفقد بدون عقاب رادع؟
اللي بيحصل مش صدفة، لكنه انعكاس لمجتمعات شايفة إن الرجولة تقاس بكم السيطرة لا بكم الرحمة. مجتمع بيبرر الجريمة كل مرة بنفس الجملة الكلاسيكية: "هو راجل زي الفل، هي بس كانت لحظة شيطان“.
و كأن الشيطان في بلدنا دايمًا بيختار ضحاياه من النساء!
7973 حلقات
Manage episode 515518720 series 2042297
كان يا مكان ، يا سادة يا كرام، كان فيه بنت صغيرة عمرها ما كملش ١٣ سنة، وبسبب الفقر والجهل والتسيب وعدم وجود رقابة أو قوانين تحميها، تم تزويجها بعقد عرفي بإشراف من أهلها وهي لسه في عمر الطفولة إلى شخص أكبر منها ب ١٠ سنين.
الشخص ده واللي يعتبر مرتكب جريمة لزواجه من طفلة تحت السن القانوني للجواز ما توقفش إجرامه عند النقطة دي، بل اعتبر البنت كيس الملاكمة بتاعه، ضرب وتعنيف وتكسير عظام وكوي بالنار وحرمان من الأكل إلا بإذنه حتى وشغله بيستدعي إنه يفضل بره البيت طول اليوم.
وفي يوم من الأيام البنت ما استحملتش وجاعت فأكلت طبق مكرونة، ولما هو رجع من بره غضب واتعصب ونزل فيها ضرب ، وبعدين اتحمس شوية فقام راميها من فوق سطح البيت فوقعت ميتة، فأصبحت في الصحافة تحمل لقب ”شهيدة المكرونة“.
أحيل الأستاذ إلى المحاكمة اللي أقرت درجتها الأولى عليه بتحويل أوراقه للمفتي ثم أصدرت عليه حكم الإعدام. لكن يا فرحة ما تمت. تم استئناف الحكم قام قاضي الاستئناف خفف الحكم من الإعدام ل٧ سنوات.
أيوة .. انتوا سمعتوا صح. ٧ سنوات فقط لقتل طفلة تم اغتصابها بإسم الجواز، ثم قتلها فداءا لطبق مكرونة.
ففي بلادنا العجيبة، ممكن الراجل يقتل مراته أو بنته ثم يقف قدام القاضي ويقول ما قصدتش. والقاضي في معظم الحالات بيصدقه، وببركة مواد في القانون بتدي القاضي الحق في تخفيف الحكم زي المادة ١٧ في قانون العقوبات المصري، ومادة زي المادة ٦٠ اللي بتعفي الرجل من عقوبة القتل إذا ادعى إن فعله له سبب شرعي زي انه كان بيأدب الضحية ويا حرام ماتت في إيده بيحصل معظم الجناة على الجائزة الكبرى بتحويل التهمة من قتل إلى ضرب أفضى إلى موت، ودي أقصى عقوبة ليها ٧ سنوات سجن.
فتبقى عندنا جريمة متكاملة الأركان، جثة ودماء، وسوابق عنف وتعذيب، وتعدي على قاصر، لكن المادة ١٧ و المادة ٦٠ في مصر (وأكيد فيه أمثالهم في دول عربية تانية) يقولوا للجاني إحنا في ضهرك يا وحش، ولا يهمك ، فداك ست واتنين وتلاتة. احنا مش هنضيع راجل طول بعرض عشان حياللا بنت صغيرة، والا كبيرة مش مهم. المهم انها ست في كل الأحوال.
وفي كل مرة ، بترتفع أصوات الستات بالاعتراض، على امتهانهم وعلى هوانهم، وعلى دمهم اللي أرخص كتير من الماية، بترتفع قصادهم أصوات: إحنا لا نعلق على حكم القضاء. وأنا الحقيقة مش فاهمة ليه ما نعلقش على حكم القضاء؟ وليه ما نطلبش بتغيير مواد بيستخدمها كل يوم مجرمين للإفلات من العقاب، طالما قتلوا ستات ذوي قرابة منهم؟ ولحد إمتى هنفضل متكممين بجمل زي: ”لا تعليق على حكم القضاء“ و” لحوم العلماء مسمومة“ وألف جملة كليشيهية لا يلتفت أصحابها لأرواح كل يوم بتفقد بدون عقاب رادع؟
اللي بيحصل مش صدفة، لكنه انعكاس لمجتمعات شايفة إن الرجولة تقاس بكم السيطرة لا بكم الرحمة. مجتمع بيبرر الجريمة كل مرة بنفس الجملة الكلاسيكية: "هو راجل زي الفل، هي بس كانت لحظة شيطان“.
و كأن الشيطان في بلدنا دايمًا بيختار ضحاياه من النساء!
7973 حلقات
Alle afleveringen
×مرحبًا بك في مشغل أف ام!
يقوم برنامج مشغل أف أم بمسح الويب للحصول على بودكاست عالية الجودة لتستمتع بها الآن. إنه أفضل تطبيق بودكاست ويعمل على أجهزة اندرويد والأيفون والويب. قم بالتسجيل لمزامنة الاشتراكات عبر الأجهزة.