اسم الله التواب1
Manage episode 325770480 series 2979995
إن العبد إذا تعرَّف على اسم الله التواب وعاش في ظلاله انهمرت عليه من المعاني والبركات والنفحات ما أفعم قلبه وألجم لسانه وهذَّب جوارحه، ومن تلك الفيوضات التي ينتفع بها العبد من معايشته لاسم الله التواب ما يلي:
أولًا: ألا يقع العبد في سجن ذنبه: فإن الشيطان -دائمًا أبدًا- يجهد ويكد ليصنع من ذنوب العبد سجنًا له يحبسه فيه عن ربه؛ فيُيَئِّسه من رحمة ربه، ويوسوس له فيقول: "إن ذنبك أعظم من أن يُغفر، كيف تُقبل على الله وقد اقترفت وارتكبت كذا وكذا"، فلا يزال العبد -إن طاوع شيطانه- حبيسًا في سجن ذنبه لا يبارحه، لكنه إن علم وأدرك سعة توبة الله وأنه -عز وجل- قد سمى نفسه "التواب" ليتوب عليه وعلى أمثاله من المذنبين نفض وسوسة الشيطان عنه وهرع نادمًا تائبًا راجعًا إلى ربه مقبلًا عليه.
ثانيًا: شدة اللجوء إلى الله -تعالى- والتعلق به: فما دام الإنسان يعلم أنه بأصل خلقته ضعيف لا مهرب له من الوقوع في الذنوب؛ كما قالها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون" (الترمذي)، أدرك إنه في حاجة ماسة إلى توبة "التواب" -سبحانه- ليغسله من ذنوبه كلما غلبته نفسه وارتكس في وحل الخطيئة، فيلجأ إلى التواب -عز وجل- ليخرجه من ظلمات الذنوب إلى فجر التوبة وضيائها.
ثالثًا: تنقية توحيد العبد لربه وتخليصه من الشوائب: إن المسلم إذا قارف ذنبًا وأحس به كجبل يوشك أن يسقط عليه وضاقت عليه الدنيا بما رحبت وضاقت عليه نفسه، بحث عن الخلاص مما هو فيه من ذنب هو بريد جهنم، فلا يجد عند أحد دواءً ولا شفاءً من ذنبه ذلك إلا عند التواب وحده لا شريك له، وعندها يتعلم أنه لا يغفر الذنوب ولا يتوب على المذنبين إلا التواب -عز وجل-، وأن سواه لا يملك من شأن التوبة والغفران شيئًا، قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ) [آل عمران: 135]، وما تاب التواب على الذين خلفوا إلا حين أدركوا (وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ) [التوبة: 118]، وقد علَّمنا نبينا -صلى الله عليه وسلم- في سيد الاستغفار أن نقول: "فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت"
202 حلقات